صفقة شاملة ترسم ملامح مستقبل غزة والمنطقة.. وخبير استراتيجي يعلق

شكرًا لكم على متابعة صفقة شاملة ترسم ملامح مستقبل غزة والمنطقة.. وخبير استراتيجي يعلق وللمزيد من التفاصيل

في خضم التصريحات السياسية المتسارعة والمفاوضات الإقليمية والدولية، عادت الأنظار لتتجه نحو ملف غزة، مع إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن استعداده لإنهاء الحرب خلال 60 يوماً من توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار. لكن ما بدا كخطوة نحو التهدئة، يحمل في طياته رسائل متضاربة وخطة أوسع لإعادة تشكيل واقع القطاع والمنطقة بأكملها.

تصريحات نتنياهو.. وعد بإنهاء الحرب وتحفظات سياسية

خلال لقاء جمعه مع عائلات المحتجزين في العاصمة الأمريكية واشنطن، أعلن نتنياهو أن حكومته “تسعى لإنهاء الحرب في غزة بعد 60 يوماً من وقف إطلاق النار”. وشدد على أن أولوية إسرائيل هي استعادة المحتجزين، لكنه عاد ليؤكد رفضه القاطع لبقاء حركة “حماس” في غزة، قائلاً: “لن أسمح لحماس بالبقاء في القطاع… لن يحدث ذلك”.

وأضاف: “سنحرص على خروج جميع المحتجزين، حتى آخر محتجز… لن يكون هناك اتفاق شامل، لكننا نعمل على خطة مدروسة لإنهاء الحرب خلال الفترة المحددة”. 

ولفت إلى أن “بعض الأمور تتم بسرية ولا يمكن الحديث عنها الآن”، داعيًا إلى التحلي بالصبر.

تفاؤل أمريكي وتحركات على أعلى المستويات

بالتزامن مع تصريحات نتنياهو، أبدى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو تفاؤله حيال التوصل إلى اتفاق وشيك لوقف إطلاق النار، مؤكدًا أن المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، سيقود جولة من المحادثات غير المباشرة خلال الأيام المقبلة.

وكشفت تقارير صحفية أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أجرى مكالمات هاتفية مع نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، بحث خلالها ترتيبات اتفاق يهدف إلى إنهاء الحرب “في غضون أسبوعين”.

صفقة معقدة.. رهائن مقابل تهدئة وحلول سياسية

وذكرت صحيفة “إسرائيل هيوم” أن الاتفاق المنتظر يشمل الإفراج عن جميع الرهائن الإسرائيليين لدى “حماس”، مقابل إخراج بعض قيادات الحركة إلى دول أخرى، كجزء من تسوية أشمل تشمل تهدئة الأوضاع الأمنية.

كما تطرقت الصحيفة إلى بند يُعد مفاجئاً: استعداد إسرائيل لمناقشة حل سياسي للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي على أساس “حل الدولتين”، بشرط إجراء إصلاحات داخل السلطة الفلسطينية.

وفي المقابل، تتعهد الولايات المتحدة بدعم جزئي للسيادة الإسرائيلية على مناطق في الضفة الغربية، في إطار تفاهمات موسعة قد تؤدي إلى توسيع نطاق “الاتفاقيات الإبراهيمية” لتشمل دولاً إضافية، مثل سوريا.

محادثات سرية وصفقة من “القمة”

مصادر مطلعة كشفت لصحيفة يديعوت أحرونوت أن إسرائيل لن ترسل وفدًا تفاوضيًا إلى القاهرة أو الدوحة هذه المرة، لأن نتنياهو يريد أن تتم الصفقة “من الأعلى”، أي عبر تفاهم مباشر بينه وبين ترامب والمبعوث الأمريكي ويتكوف، إضافة إلى الوزير الإسرائيلي ديرمر.

وقال مصدر للصحيفة: “هذه المرة، ليست مجرد صفقة رهائن. إنها اتفاق شامل يشمل وقف الحرب، وإعادة 50 رهينة، وتوسيع الاتفاقيات الإبراهيمية. هذه عناصر تهم الإدارة الأمريكية الحالية كثيرًا”.

دور أوروبي في دعم البُعد الإنساني

من جانبها، صرّحت كايا كالاس، المسؤولة عن السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، بأن إسرائيل وافقت على اتخاذ “خطوات مهمة” لتحسين الوضع الإنساني في غزة. وشملت هذه الخطوات فتح معابر جديدة في شمال وجنوب القطاع، وتسهيل وصول المساعدات الطبية والإنسانية، في محاولة لتخفيف حدة الأزمة المتفاقمة.

وأكدت كالاس أن التنسيق الدولي سيكون ضروريًا لضمان وصول المساعدات دون عوائق، مشيرة إلى أن هذه الإجراءات تمثل “بارقة أمل” في ظل الظروف الكارثية التي يعيشها المدنيون في غزة.

الحرب والسلام.. رسائل متناقضة

وفي قراءة تحليلية للمشهد، يرى اللواء نبيل السيد، الخبير الاستراتيجي، أن تصريحات نتنياهو تعكس رسائل متداخلة.. من جهة، تعبير عن نية معلنة لإنهاء الحرب، ومن جهة أخرى، تأكيد على رفض إسرائيل القاطع لبقاء “حماس” في قطاع غزة. ووفقًا للسيد، فإن حديث نتنياهو عن أن الصفقة ستأتي من القمة، مما يكشف أن المفاوضات الحالية لا تقتصر على ملف الرهائن، بل تشمل ترتيبات سياسية وأمنية أوسع لإعادة تشكيل الواقع في غزة والمنطقة.

شروط إسرائيلية صارمة

اضاف السيد ان رغبة نتنياهو في إنهاء الحرب خلال 60 يوماً لا تعني نهاية حقيقية للصراع، بل ترتبط بتحقيق عدة شروط أساسية، على رأسها ضمان إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين، وإقصاء “حماس” من أي دور مستقبلي في حكم القطاع. وهذا التوجه يثير تساؤلات عميقة حول طبيعة “الهدنة” المقترحة، وهل تمثل بداية سلام مستدام، أم مرحلة تمهيدية لمواجهة قادمة؟

ضغط دولي وتنازلات تكتيكية

أشار السيد إلى أن نتنياهو يحاول إظهار مرونة تكتيكية تحت وطأة الضغوط الأمريكية والدولية، خاصة في ضوء تفاهمات جديدة مع إدارة ترامب. هذه المرونة، كما يراها السيد، ليست سوى خطوة محسوبة لإرضاء الحلفاء دون التفريط بالمبادئ التي يقوم عليها التحالف اليميني المتشدد في الداخل الإسرائيلي.

صفقة إقليمية تتجاوز غزة

اكد السيد أن الولايات المتحدة تسعى لصياغة “صفقة تبادلية” تشمل الأمن مقابل السيادة، والتهدئة مقابل الدعم السياسي. واشنطن بحسب تحليله تريد تحقيق “نصر تفاوضي” يمنحها نفوذاً جديداً في الشرق الأوسط، ويعيد رسم دورها كوسيط فعّال في المنطقة.

مستقبل غزة على مفترق طرق

وفي ختام تحليله، يرى اللواء نبيل السيد أن نتنياهو لا يسعى فقط لوقف إطلاق النار، بل لإعادة تشكيل غزة سياسياً وأمنياً، عبر إخراج “حماس” من المعادلة. أما الحركة، فهي اليوم أمام خيارين حاسمين.. إما القبول بتسوية بشروط إسرائيلية وأمريكية، أو الاستمرار في حرب مفتوحة، بما تحمله من كلفة إنسانية وعسكرية باهظة.

 

تصريحات نتنياهو الأخيرة ليست مجرد وعود بوقف الحرب، بل تحمل في طياتها مشروعاً سياسياً وأمنياً أوسع. وبين الحسابات الإسرائيلية والطموحات الأمريكية والمواقف الفلسطينية، تبقى الأيام القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كانت غزة تتجه نحو هدنة شاملة أم نحو جولة جديدة من الصراع.

وبين التطلعات الإسرائيلية، والطموحات الأمريكية، والمواقف الفلسطينية، تقف غزة على مفترق طرق حساس. فإما أن تكتب هذه المرحلة نهاية لصراع دام عقودًا، أو تكون مجرد محطة في مسار طويل من جولات الحرب والتهدئة.
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى