د. عصام محمد عبد القادر يكتب: الرضا الزائف

شكرًا لكم على متابعة د. عصام محمد عبد القادر يكتب: الرضا الزائف وللمزيد من التفاصيل

التغيير سنة كونية؛ لكن التحسين إرادة، تحكمها ممارسة صادقة، تجاه ما نتطلع، أو نرغب الوصول إليه، وعندما نركن إلى السلبية بحجة تقبل أمر بعينه؛ فإن هذا يُعد دون مواربة، معبرًا عن ماهية الرضا الزائف لدى الإنسان؛ حيث لا يحاول وفق مقوماته، أو ما يتوافر لديه من إمكانيات، أن يعمل على تحقيق هدف يتوقف عليه استمرارية العطاء، واستدامة بذل الجهود، التي من شأنها أن تزيل الصعوبات، أو المعوقات، وتجعل النظرة للحياة إيجابية في كليتها.

قد يطمئن الفرد منا لتموضع، يعيش في بوتقته، ويهرع عندما يواجه تغيرًا، بل، يقاوم بشدة ذلك الأمر؛ لأنه يرتأى أن الخروج من الحالة، له تبعات سلبية، تؤثر على ما اعتاد عليه، وما كان مرضيًّا بالنسبة له، ولو كان غير ذي ثمرة يانعة؛ لذا يعرض، ولا يقبل على ما قد يرى فيه مغامرة، وفق حساباته الضيقة، وهذا يستلزم منا أن بذل الجهود، التي تمهد لتوعية صحيحة تجاه الكشف عن صورة المستقبل المشرق أمامنا، إذا ما أدركنا أن ما نحن فيه مجرد رضى زائف، لن نحصد المنشود منه على أي حال.

أعتقد أن ضعف الثقة بالنفس، وتجاهل الإنسان منا لما يمتلكه من مقومات، وتفردات، يؤدي بالطبع إلى نمط من الاستسلام الداخلي، والخضوع، أو الخنوع للأمر الواقع؛ ومن ثم يجنب البحث عن مسارات، تتسم بالابتكار؛ كي يغير بها مجريات أحداث، قد صارت لا يصيبها التجديد، ولا ينالها التطوير، ولا تلبي الاحتياجات، والمتطلبات، التي تتزايد في خضم تقدم ملموس في شتى صور الحياة المعيشية، والعلمية، والعملية، ورغم ذلك يفضل الفرد البقاء على وضعه، ويختار طواعية ألا يخرج من البوتقة، التي اعتاد على حيزها الضيق؛ قناعة منه على الرضى، الذي نسمه بأنه زائف.

في الحقيقة يصعب أن نتجاهل دور المعتقدات، والموروثات غير الصحيحة، التي عززت من ماهية الرضا الزائف لدى البعض؛ حيث التواكل في الأمور، بما يؤدي إلى إضعاف الهمة، وتدني الممارسة، والخروج عن مسار التقدم، الذي يتطلب بذل جهود مضنية، وتكريس فكرة التسليم في ضوء فلسفة بالية، تؤكدها نظريات واهية، تحض على قبول الواقع، وتجنب المحاولة؛ كي لا نتعرض إلى مخاطر، وفي ضوء ذلك نتغافل ونتجاهل، ومن ثم تتوافر لدينا القناعة بالنصيب المحتوم.

أرى أن الرضى الزائف الذي يتملك وجدانيات الفرد، تجعله غير مدركٍ لأهمية تحمل المسئولية بكل أشكالها، بل، تكون لديه بذور اللامبالاة؛ حيث يبرر لأفعاله، وممارساته غير المنضبطة، بما لا يشعره بالتقصير، أو التسبب في إحداث خلل ما، ناهيك عن نظرته المحدودة لبلوغ النجاحات النوعية، التي من المفترض أن يحرزها بآليات محددة، ومنظمة، تقوم على فلسفة عمل جاد، ومتقن؛ ومن ثم تجد أن دومًا ما يستثمر حجة الظروف الخارجة عن الإرادة في تبرير اخفاقاته المتكررة، وهذا ما يعضد قناعته بالرضى، الذي لا يخرج عن حيز الزيف في جملته.

في خضم أحداث ينجم عنها آثار سلبية، قد تعكر الصفو، وتؤثر على الوجدان، يلجأ الفرد إلى الهروب، ولو بصورة مؤقتة من الضغوط، التي يتعرض لها؛ متمسكًا بماهية الرضى الزائف؛ حيث يؤكد لذاته أنه غير قادر على المواجهة، أو يصعب عليه أن يتحمل فوق طاقته؛ ومن ثم يتنازل طواعية عن مطالبه، ويؤكد أن سلامته النفسية لن تتوافر إلا ببعده عن المشهد؛ لذا يصعب عليه أن يبلي رغبات، أو احتياجات نفسه، أو الآخرين الذين تقع مسئولية رعايتهم في حماه.

نربأ أن يبرر شخص ما لفلسفة الرضى الزائف؛ لأنه يورث في النفوس السلبية، التي تضير ليس بالفرد فقط، بل، بمجتمعه المحيط به، وهنا تهدر الطاقات، ويزداد العوز، ونسقط في براثن التخلف؛ ومن ثم يصعب أن نرتقي بخبراتنا المرتبطة بالجوانب المهنية، أو الشخصية، وهذا ما يتسبب في إيقاف مسيرة العطاء، ودحض مخططات التنمية المستدامة.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى